خطبة الجمعة المذاعة والموزعة
بتاريخ 13 من شعبان 1445هـ الموافق 23 /2 / 2024م
نِعْمَةُ الْأَمْنِ فِي الْأَوْطَانِ
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ( [آل عمران:102]، )يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا( [النساء:1]، )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا( [الأحزاب:70-71].
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ:
الْوَطَنُ الْآمِنُ نِعْمَةٌ تَسْتَوْجِبُ مِنَّا شُكْرَهَا وَالْحِفَاظَ عَلَيْهَا، قَالَ تَعَالَى عَنْ قُرَيْشٍ مُمْتَنًّا عَلَيْهِمْ بِنِعْمَةِ الْأَمْنِ: ]لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ * إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ[ [قريش:1-4]، وحِينَ نَسْتَذْكِرُ نِعْمَةَ الِاسْتِقْلَالِ وَالتَّحْرِيرِ: نَسْتَذْكِرُ التَّضْحِيَاتِ الْعَظِيمَةَ وَالْجُهُودَ الْكَرِيمَةَ الَّتِي قُدِّمَتْ مِمَّنْ عَاشُوا عَلَى هَذِهِ الْأَرْضِ الطَّيِّبَةِ مِنْ حُكَّامٍ وَمَحْكُومِينَ وَمُوَاطِنِينَ وَمُقِيمِينَ، كَمَا نَسْتَذْكِرُ نِعْمَةَ وُقُوفِ الْإِخْوَةِ الْأَشِقَّاءِ وَالْأَصْدِقَاءِ دُوَلًا وَشُعُوبًا؛ مَوْقِفًا بُطُولِيًّا مُشَرِّفًا؛ حِينَمَا هَبُّوا لِنُصْرَةِ إِخْوَانِهِمْ، وَتَسْخِيرِ كُلِّ الْجُهُودِ لِتَوْفِيرِ سُبُلِ الْأَمَانِ وَالرَّاحَةِ لَهُمْ، فِي مَوْقِفٍ يَعْكِسُ عُمْقَ الْمَحَبَّةِ وَالتَّرَابُطِ بَيْنَ الْأَشِقَّاءِ وَالْأَصْدِقَاءِ، وَمَا ذَلِكَ إِلَّا تَحْقِيقًا لِوَحْدَةِ الصَّفِّ وَاجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ الَّتِي وَصَّانَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَنَبِيُّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا، قَالَ تَعَالَى: ]وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ[ [المائدة:2]، وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا» فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا، أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ؟ قَالَ: «تَحْجِزُهُ أَوْ تَمْنَعُهُ مِنَ الظُّلْمِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ]، وَإِنَّ مِنْ أَجَلِّ نِعَمِ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ بَعْدَ نِعْمَةِ الْإِسْلَامِ: نِعْمَةَ الْأَمْنِ وَالْأَمَانِ، فَلَا طُمَأْنِينَةَ لِلْعِبَادِ وَلَا اسْتِقْرَارَ لِلْبِلَادِ مَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ أَمْنٌ وَأَمَانٌ؛ فَارْتِبَاطُ الْمَرْءِ بِوَطَنِهِ وَإِحْسَاسُهُ بِالْأَمَانِ فِي أَكْنَافِ أَرْضِهِ الَّتِي تَرَعْرَعَ فِيهَا أَمْرٌ فِطْرِيٌّ فِي النَّفْسِ الْبَشَرِيَّةِ، وَلِذَلِكَ لَمَّا خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّةَ بَعْدَ أَنْ أَذِنَ اللَّهُ لَهُ بِالْهِجْرَةِ وَقَفَ عَلَى أَرْضِهَا مُوَدِّعًا لَهَا قَائِلًا شَوْقًا وَحَنِينًا لِلْأَرْضِ الَّتِي ارْتَبَطَ بِهَا مُنْذُ صِغَرِهِ وَنَشَأَ فِي جَنَبَاتِهَا: «وَاللَّهِ إِنَّكِ لِخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ، وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ» [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ].
عِبَادَ اللَّهِ:
إِنَّ لِلْوَطَنِ عَلَى أَبْنَائِهِ حُقُوقًا يَجِبُ أَدَاؤُهَا، وَوَاجِبَاتٍ يَنْبَغِي الْوَفَاءُ بِهَا، فَمِنْ أَهَمِّ حُقُوقِ الْوَطَنِ عَلَى أَبْنَائِهِ: السَّعْيُ فِي عِمَارَتِهِ وَازْدِهَارِهِ وَرُقِيِّهِ، وَأَعْظَمُ عِمَارَةٍ لِلْأَوْطَانِ: إِقَامَةُ شَرْعِ اللَّهِ فِيهَا، وَتَحْقِيقُ عُبُودِيَّةِ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ، فَقَدَ قَرَنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ النَّصْرَ وَالتَّمْكِينَ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ بِإِقَامَتِهِمْ لِشَرْعِهِ؛ قَالَ تَعَالَى: ]يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ[ [محمد:7] وَقَالَ تَعَالَى: ]وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ[ [آل عمران:104]، وَمِنْ حُقُوقِ الْوَطَنِ عَلَى أَبْنَائِهِ: الذَّوْدُ عَنْ حِيَاضِهِ وَحِمَايَتُهُ مِنْ كُلِّ طَامِعٍ وَحَاسِدٍ أَوْ بَاغٍ وَحَاقِدٍ، وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إِلَّا بِتَضَافُرِ الْجُهُودِ وَالتَّعَاوُنِ بَيْنَ أَبْنَاءِ الْوَطَنِ الْوَاحِدِ، وَتَقْدِيمِ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ عَلَى الْخَاصَّةِ وَنَشْرِ خُلُقِ التَّسَامُحِ وَالْإِيثَارِ فِي كِيَانِ الْمُجْتَمَعِ؛ وَلِذَلِكَ كَانَ مِنْ أَوَّلِ الْأَعْمَالِ الَّتِي قَامَ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَمَا هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ مُؤَسِّسًا لِدَوْلَةِ الْإِسْلَامِ الْأُولَى: أَنْ قَامَ بِالْمُؤَاخَاةِ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ.
بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ،
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَلِيُّ الصَّالِحِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْأَمِينُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَأُوصِيكُمْ – عِبَادَ اللَّهِ - وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى؛ فَمَنِ اتَّقَى اللَّهَ وَقَاهُ، وَنَصَرَهُ وَكَفَاهُ.
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ:
إِنَّ مِنْ تَمَامِ شُكْرِ نِعَمِ الْمَوْلَى عَزَّ وَجَلَّ: اسْتِخْدَامَهَا فِي طَاعَتِهِ، وَالْبُعْدَ عَنِ اسْتِعْمَالِهَا فِيمَا يُغْضِبُ الرَّبَّ جَلَّ وَعَلَا؛ قَالَ تَعَالَى: ]وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ[ [إبراهيم:7].
وَمِنَ الْمَظَاهِرِ السَّلْبِيَّةِ الدَّخِيلَةِ عَلَى مُجْتَمَعِنَا، وَالْبَعِيدَةِ عَنْ سُلُوكِنَا وَأَعْرَافِنَا: مَا يَقُومُ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ مِنْ تَصَرُّفَاتٍ غَيْرِ مَسْؤُولَةٍ، فِيهَا إِضْرَارٌ بِصِحَّةِ وَسَلَامَةِ الْآخَرِينَ، وَاعْتِدَاءٌ عَلَى الْبِيئَةِ، كَالتَّرَاشُقِ بِالْمِيَاهِ أَوْ رَشِّهَا عَلَى الْمَارَّةِ وَالطُّرُقَاتِ، أَوْ غَيْرِهَا مِنْ أُمُورٍ مُسْتَنْكَرَةٍ، مُعَرِّضِينَ غَيْرَهُمْ لِأَخْطَارٍ وَخِيمَةٍ وَحَوَادِثَ جَسِيمَةٍ؛ كَالْإِصَابَاتِ فِي اَلْأَعْيُنِ وَإِتْلَافِ الْمُمْتَلَكَاتِ، عِلَاوَةً عَلَى مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى هَذِهِ الْعَادَةِ الدَّخِيلَةِ مِنْ إِسْرَافٍ فِي الْأَمْوَالِ، وَهَدْرٍ لِلْمِيَاهِ، وَتَبْذِيرٍ فِي نِعْمَةٍ عَظِيمَةٍ تَتَكَلَّفُ الدَّوْلَةُ مَبَالِغَ طَائِلَةً لِتُوَفِّرَهَا لَنَا بِيُسْرٍ وَسُهُولَةٍ، بِالْإِضَافَةِ لِمَا يُصَاحِبُ تِلْكَ الْمَظَاهِرَ السَّلْبِيَّةَ مِنْ تَلْوِيثٍ لِلْبِيئَةِ، وَرَمْيٍ لِلْمُخَلَّفَاتِ فِي الشَّوَارِعِ وَإِغْلَاقٍ لِلطُّرُقَاتِ، مِمَّا يَعْكِسُ صُورَةً غَيْرَ حَضَارِيَّةٍ لِمُجْتَمَعِنَا، وَمُخَالَفَةً لِتَعَالِيمِ دِينِنَا؛ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- عَنِ النَّبِيِّ r قَالَ: «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللهُ عَنْهُ» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ].
إِخْوَةَ الْإِيمَانِ:
لِنُعَلِّمْ أَبْنَاءَنَا أَنَّ الْحِفَاظَ عَلَى أَمْنِ وَنَظَافَةِ بَلَدِنَا وَسَلَامَةِ مُجْتَمَعِنَا: مَسْؤُولِيَّةٌ مُشْتَرَكَةٌ يَجِبُ عَلَيْنَا مُوَاطِنِينَ وَمُقِيمِينَ أَنْ نَقُومَ بِهَا جَمِيعًا، كُلٌّ حَسَبَ مَكَانِهِ وَاسْتِطَاعَتِهِ، وَأَنَّ الْفَرْدَ الصَّالِحَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَقُومَ بِعَمَلٍ يَضُرُّ فِيهِ مُجْتَمَعَهُ وَوَطَنَهُ، بَلْ يُسَاهِمُ فِي تَطَوُّرِهِ وَرُقِيِّهِ، وَيُحَافِظُ عَلَى أَمْنِهِ وَاسْتِقْرَارِهِ وَإِعْلَاءِ مَنْزِلَتِهِ، وَلْنَغْرِسْ فِي نُفُوسِهِمْ قِيمَةَ الْمُرَاقَبَةِ الذَّاتِيَّةِ لِتَصَرُّفَاتِهِمْ؛ لِئَلَّا يَغْتَرُّوا بِمَا يَفْعَلُهُ غَيْرُهُمْ مِنْ أَفْعَالٍ دَخِيلَةٍ عَلَى دِينِنَا وَمُجْتَمَعِنَا؛ حَتَّى لَا يَكُونُوا إِمَّعَةً: إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنُوا، وَإِنْ أَسَاءَ النَّاسُ أَسَاءُوا؛ قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (اغْدُ عَالِمًا أَوْ مُتَعَلِّمًا، وَلَا تَكُونَنَّ إِمَّعَةً).
فَلْنَتَّقِ اللَّهَ -عِبَادَ اللَّهِ- وَلْنَقِفْ صَفًّا وَاحِدًا فِيمَا يَخْدِمُ دِينَنَا ومُجْتَمَعَنَا وَوَطَنَنَا، وَلْنَحْذَرْ مِنْ جَمِيعِ صُوَرِ الِاخْتِلَافِ وَالْخِيَانَةِ وَالْفَسَادِ وَالْإِشَاعَاتِ الْمُغْرِضَةِ؛ فَهِيَ مُؤْذِنَةٌ بِخَرَابِ الْعُمْرَانِ، وَدَمَارِ الْبِلَادِ، وَضَيَاعِ الْعِبَادِ؛ قَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: ]وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ[ [النحل:112].
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الْأَطْهَارِ وَصَحْبِهِ الْأَبْرَارِ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَالْأَئِمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْـمُسْلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْـمُشْرِكِينَ، وَاغْفِرِ اللَّهُمَّ لَنَا وَلِوَالِدِينَا وَلِلْمُسْلِمِينَ؛ الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْمَيِّتِينَ. اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَمِيرَنَا لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ عَمَلَهُ فِي رِضَاكَ. اللَّهُمَّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا سَخَاءً رَخَاءً؛ دَارَ عَدْلٍ وَإِيمَانٍ وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، وآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْـدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَـمِينَ.
لجنة إعداد الخطبة النموذجية لصلاة الجمعة